2012/09/29

حوار هادئ مع من قالوا بألوهية المسيح

نعرف أنه لا يصح لأحد أن يفتن فى المعجزة التى جائت بالمسيح عليه السلام أو فى إحيائه الموتى بإذن الله وأتباع عيسى عليه السلام متفقون معنا أن الله سبحانه وتعالى غيب ولكنهم يختلفون معنا فيقولون : أن الله أراد أن يؤنس البشر بصورة يتجلى لهم فيها بشرا فجاء بعيسى عليه السلام ليتحقق لهم ذلك الأنس . ونقول لهم : سنبحث فى هذه المسألة بدون حساسية , وبدون عصبية , بل بالعقل , ونسأل " هل خلق الله عيسى ليعطى صورة الإله ؟ إن عيسى كان طفلا , ثم كبر من بعد ذلك , فأى صورة من صوره المرحلية كانت تمثل الله ؟ إن كانت صورة طفل , فهل هى صورة الله ؟ وإن كانت صورة كهل , فهل هى صورة الله ؟ إن لله صورة واحدة لا نراها ولا نعرف كنهها فهو سبحانه " ليس كمثله شئ " الشورى .11 فأية صورة من الصور التى تقولون إنها صورة الله ؟ وإن كان الله على كل هذه الصور فمعنى ذلك أن الله أغيارا , زهز سبحانه منزه عن ذلك . ولو كان على صورة واحدة لقلنا : إنه الثباتوالأمر كذلك فهو _ سبحانه _ الحق الذى لا يتغير إنهم يقولون . إن الله أراد أن يجعل صورته فى بشر ليؤنس الناس بالإله فتمثل عيسى . ولنا أن نسأل . كم أستغرق وجود عيسى على الأرض ؟ والأجابة : ثلاثين عاما أو يزيد قليلا . وهكذا تكون فترة معرفة الناس بالصورة الإلهية محدودة بهذه السنوات الثلاثين طبقا لتصوركم .
ولنا أن نسأل : ماعمر الخلق البشرى كله ؟ إن عمر البشرية ملايين السنين . فهل ترك الله خلقه السابقين الأولين بدون أن يبدى لهم صورته , ثم ترك خلقه الآخرين الذين قدموا إلى الحياة بعد وفاة عيسى _ أى تمام مهمته _ ورفعه , بدون أن يعطيهم صورة له ؟ إن هذا تصور لإله ظالم , وسبحانه وتعالى منزه عن الشرك والظلم , فلا يعقل أن يضن بصورته فلا يبقيها إلا ثلاثين عاما ؟ إن هذا قول لا يقبله عقل يثق فى عدالة الله المطلقة . ثم أنهم يقولون إن عيسى عليه السلام قد صلب وهم معذورون والحق سبحانه وتعالى قد عذرهم فى ذلك فأورد التأريخ الحق العادل حين يقول " وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه مالهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا " النساء :157 لقد جعل الله لهم عذرا فى أن يقولوا إنها قتل أو صلب لأنه شبه لهم وكان من المعقول أن يلتمسوا من الإسلام حلا لهذه المشكلة , لأن الإسلام جاء ليقول : لا لقد شبه لكم فما قتلوه ولا صلبوه , لأن هذا الفعل _ القتل أو الصلب _ ينقض فكرتهم عن إنه إله أو ابن إله . لأن المصلوب لو كان إلاها أو إبن إله لكانت لديه القدرة التى تغلب الصالب , فكبف يعقل الإنسان أن يتقل الإله أو ابن الإله مقدورا عليه من مخلوق ؟ والإسلام حين يقول : إن عيسى ابن مريم لم يصلب فقد كرمه الله . وهكذا ترى إن الإسلام قد جاء ليصفى العقائد كلها من عيوب التحريف التى قام بها المتبعون لتلك الأديان واللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
                                                   إمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى