2014/09/18

ذكريات3

مسحت دموعها بأطراف أناملها وقامت من على الفراش وفتحت باب غرفتها بهدوء ونظرت له وهو جالس يشاهد المباراة ويشد فى شعره ويطلق السباب من وقت لأخر ثم أغلقت الباب ثانية لتعود لقوقعتها وأحزانها .

لم تتوقع على الإطلاق هذا الرفض الساحق من والدتها لوائل بدون سبب حقيقى فهو ترى انه فقير ولا يصلح ليكون زوجا لها وبدأت المشاكل بين الأم والأب فالام لم تنسى أنه وافق على زواج إبنتها الكبرى من شاب فقير ولكن عزائها الوحيد فى ذلك أن إبنتها لم تتركها بحكم منزل زوجها المقابل لمنزلهم فهى معها طوال الوقت ولكنها لن تترك زوجها ليفعل نفس الشئ بالفتاة الصغرى يجب أن تتزوج من رجل غنى أو على الأقل لديه شقة لا تقل عن ثلاث غرف كبار ويشترى لها كل شئ من المحلات الغالية ولكن الأب كان يرى أن الاخلاق هى أهم شئ على الإطلاق هذا بجانب الحب الذى يكنه الطرفان لبعضهم البعض فلو كان هذا الشاب سيئ لما تقدم للزواج من ابنته وهكذا كانت المشاكل ومازادها أن ابن خالتها تقدم لخطبتها وهذا ما أثار والدها بشدة فابن خالتها هذا يكبرها بعشرين عاما كاملة أو يزيد ببضعة أشهر لقد كان يراها كل عام تكبر عاما ولا يراها سوى شهر واحد فقط كل عام بل لا يراها أكثر من ثلاث مرات فقد كان يعمل فى إحدى دول الخليج ولم يفكر يوما فى الزواج فحياته كانت مكرسة فقط للعمل ولذلك فقد أصبحت لديه ثروة لا بأس بها ولكن تحت إلحاح ورغبة والدته قرر الإستقرار بمصر والزواج واختار ابنة خالته التى لم تتم بعد عامها السادس عشر وأخبر خالته بذلك واخبرها ايضا انه لن يكلفهم مليما واحدا سيشترى لها كل شئ وكل ماتشتهى الأنفس والذهب كل ماستختاره العروس سيكون ملك لها وهكذا كان العريسان أحدها فقيرا وهى تحبه وتريده ووالدها موافق عليه والأخر غنى ولاتريده وأمها موافقة عليه لم تعرف ماذا تفعل ولكنها ليست على استعداد لخسارة حبها الوحيد .
وبالمدرسة كانت تبكى بحرقة وكانت البنات تواسيها إلى أن قالت أنها ستنتحر صدم البنات بذلك ولكناه كانت مصرة على ذلك فهى الطريقة الوحيدة التى ستجعلها لا تتزوج شخصا غير حبيبها فصمتت الفتيات ولم يعرفن ماذا يقلن لها إلا واحدة زميلتها بالفصل ريم وعلى الرغم من أنهم لم يكونو أصدقاء إلا أنها وضعت يدها على كتفها لتحدثها للمرة الأول
ريم :- وهل تظنين أنه يستحق ذلك؟؟؟
ريماس مندهشة :- بالطبع يستحق هذا فأنا قلبى وعقلى وروحى ملكه
ريم بإبتسامة عريضة :- قد يكون قلبك وعقلك ملكه أما روحك فملك الله تعالى وليس من حق انسان أخذها ولذلك سأعيد صياغة السؤال , هلى يستحق أن تموتى كافرة من أجله ؟
ريماس تنظر للأرض خجلا ولا تجيب .
ريم :- أرأيتى لم تستطيعى الإجابة فلا يوجد أى شئ فى تلك الحياة يتحق الموت كفرا من أجله ياعزيزتى فاستغفرى الله تعالى واستعيذى به من الشيطان الرجيم ولتعلمى انه لو كان مكتوبا لك ستتزوجيه حتى لو كان العالم بأكمله ضد زواجكم ولو لم يكن مكتوبا لك لن تتزوجيه ولو كانت الارض بمن عليها تبارك هذا الزواج أتفهمينى .
ريماس :- ولكنه روميو الخاص بى
ريم :- اعرف وانا لم اقل لك لا تتزوجيه انا أقل فقط لا تقتلى نفسك
تذهب ريم لتجلس مكانها وتقرأ فى احد الكتب ويبدو عليها الحزن الشديد .

فكرت ريماس قليلا كيف تقنع أمها بذلك الزواج نعم إنها فكرة قديمة ولكنها دائما ماكانت تفلح فى الأفلام ولكن خيبتها كانت كبيرة وصدمتها كانت أكبر وكذلك صدمة أبيها.....
لقد هددت بالإنتحار إذا لم تتزوج بوائل ولكن أمها لم تهتم بل قالت أن موتها أهون عليها من الزواج بهذا الشاب وفى النهاية أقسمت أنه لم تم زواجها من هذا الشاب فهى بريئة منها إلى يوم الدين ولن تكون أمها بعد اليوم وسيكون قلبها غاضبا عليها فهى مهما حدث لن تغضب شقيقتها من أجل فتاة طائشة وأب لا يعرف مصلحة إبنته .
وهكذا ضحت ريماس بحبها وسعادتها من أجل إرضاء أمها .
كانت والدتها غاية فى السعادة بخطبة إبنتها على ابن شقيقتها ولم تهتم بدموع ابنتها أو حزنها وفى القاعة والموسيقى تصدح فى كل زاوية إقتربت منها شقيقتها وسألتها بهدوء لما لم تدعوا صديقاتها فنظرت لشقيقتها بغضب بالغ وقالت :- وهل يدعوا الميت أحد لجنازته ؟؟
صدمت شقيقتها ولم تتكلم ... لم يكن أحد سعيدا فى هذا الوقت سوى والدتها وشقيقتها فقط لاغير كان الحزن مرسوما على وجه والدها حتى خطيبها لاحظ هذا وسألها بهدوء لما يبدوا والدك تعيس فنظرت إليه بكراهية شدية وقالت :- لإنه مثلى لا يطيق رؤيتك .
نظر لها خطيبها قليلا ثم ابتسم ونظر أمامه وهو لا يعيرها أى إهتمام وكيف يهتم فقد اخبرته من قبل أنها لا تطيقه وتحب رجلا أخر فقال انها مازالت صغيرة وستحبه وتعتاد عليه مع الوقت.
مسحت دمعة منحدرة من عينيها .
رأت امها تصعد لتنئتها هى وعريسها وبلا شعور منها أدارت وجهها الجهة الأخرى وهنأت امها العريس وذهبت ناحية ابنتها لتهنئتها ولكنها أدارت وجهها مرة أخرى فقبلتها من خدها وطلبت منها الإبتسام فلم ترد فنكزتها فى كتفها وطلبت منها الإبتسام ثانية فنظرت لأمها وبدأت فى رسم إبتساممة صفراء بصعوبة بالغة على وجهها الشاحب والذابل برغم كل مساحيق التجميل الموضوعة عليه وأنحدرت دموعها بقوة لم يتوقعها أحد .
أستدركت الأم الموقف وأبتسمت بقوة مدعية أنها دموع الفرح ولكن والدها كان يعلم مدى حزنها .. لقد كانت خطبتها هى نهاية كل شئ جميل . فلم يعد هناك وفاق بين أمها وأبيها بل لقد أنفصل الإثنان شكليا فأصبح كل منهما فى غرفة منفصلة ولم يعد والدها يتناول الطعام معهم وحاولت الأم مرارا أن تعيد الحياة كما كانت ولكن لم تستطع وخلال عام كامل وهى مدة الخطبة رفضت ريماس الخروج لإختيار أى شيئ وعندما قالت لها أمها أنها يجب أن تختار ملابس نومها وجهازها وكل مايلزم لم تهتم ريماس بوجود خالتها او خطيبها فى المنزل وقالت :- من إختارت شريك حياتى تختار الباقى فلا شيئ فى تلك الحياة أصبح هاما .
منذ خطبتها لم تعد علاقتها بأمها كما كانت بل تعتبر إنقطعت تلك العلاقة , حتى شقيقتها إنقطعت علاقتها بها .
وليلة الحنة لم تخرج من غرفتها على الإطلاق إلا لدخول الحمام فقط .. وفى اليوم التالى لم تنظر لشقيقتها التى دخلت لتجهيزها بل رفضت جعل شقيقتها تجلس معها فى غرفة واحدة ..... كان يوما كئيبا بالنسة لها إنتهى بدخولها لمنزلها الجديد .
حاول زوجها إبهارها بشقتها التى لم تشاهدها أو تشاهد اى شيئ فيها من قبل ولكنها لم تهتم وهكذا مرت الليلة بسلام دون حب , بجسد دون روح , شعرت بإنها دبحت وأن أمها هى من أعطته السكين .
وفى اليوم التالى جاء الجميع ليطمئن على العروس وعلت الاغاريد فى كل مكان وأقترت الأم لتبارك لإبنتها وتعطيها هديتها ولكنها تركتها وذهب دون حتى أن تسلم عليها سواء هى او شقيقتها فقط أرتمت فى أحضان أبيها وبكت فأقتربت أمها منها وقالت :- غدا ستشكرينى عندما تفهمين أنى فعلت هذا لمصلحتك .
نظرت لأمها وقالت :- محال , محال أن أشكر من قتلونى وتلك هى النهاية .
مرت سنوات وتوفى والدها دون أن يصالح والدتها حتى فى إحتضاره لم يوافق أن يحادثها وبعد وفاته لم تدخل منزله ثانية أما زوجها فقد تزوج عليها أكثر من مرة لأنها لا تنجب ولكنها لم تهتم يوما ولم تشعر بالغيرة مطلقا فقلبها كان ملكا لرجل اخر وعندما أنجبت شقيقتها رفضت الذهاب لتهنئتها وعندما مرضت والدتها رفضت الذهاب لرؤيتها وكانت علاقتها بخالتها من سيئ لأسوأ وهكذا مرت السنون  ولكن.............



               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق